Jumat, 17 Januari 2014

أمن تذكر جيران بذي سلم


مَزَجْتَ دَمْعاً جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ
أمِنْ تَذَكُّرِ جِيران بِذِي سَلَمٍ
وأوْمَضَ البَرْقُ فِي الظلْماءِ مِنْ إضَمِ
أمْ هَبَّتْ الريحُ مِنْ تِلْقاءِ كاظِمَةٍ
وَما لِقَلْبِكَ إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
فما لِعَيْنَيْكَ إنْ قُلْتَ اكْفُفاهَمَتا
ما بَيْنَ مُنْسَجِمٍ منهُ ومُضْطَرِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌ
ولا أَرِقْتَ لِذِكِرِ البَانِ والعَلَمِ
لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعَاً عَلَى طَلَلٍ
بهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ وَالسَّقَمِ
فكيفَ تُنْكِرُ حُبّاً بعدَ ما شَهِدَتْ
مِثْلَ البَهارِ عَلَى خَدَّيْكَ وَالعَنَمِ
وَأَثْبَتَ الوجِدُ خَطَّيْ عَبْرَةِ وضَنىً
والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالألَمِ
نَعَمْ سَرَى طَيفُ مَنْ أهوَى فَأَرَّقَنِي
مِنِّي إليكَ ولو أَنْصَفْتَ لَمْ تَلُمِ
يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَةً
عَنِ الوُشاةِ وَلا دائي بِمُنْحَسِمِ
عَدَتْكَ حالِي لا سِرِّي بِمُسْتَتِرٍ
إنَّ المُحِبِّ عَنْ العُذَّالِ في صَمَمِ
مَحَّضْتَنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُهُ
والشِّيْبُ أَبْعَدُ في نُصِحٍ عَنْ التُّهَمِ
إنِّي اتهَمْتُ نَصِيحَ الشَّيْبِ في عَذَلٍ
مِنْ جَهْلِهَا بنذيرِ الشِّيْبِ وَالهَرَمِ
فإنَّ أمَّارَتِي بالسُّوءِ ما اتَّعَظَتْ
ضَيفٍ ألمَّ بِرَأْسِي غيرَ مُحْتَشِمِ
ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِرَى
كما يُرَدُّ جِماحُ الخَيْلِ باللُّجُمِ
مَنْ لِي بِرَدِّ جِماحٍ مِنْ غَوايَتِها
إنَّ الطعامَ يُقَوِّي شَهْوَةَ النَّهِمِ
فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها
حُبِّ الرِّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ
والنَّفْسُ كالطِّفْلُ إنْ تُهْمِلُهُ شَبَّ عَلَى
إنَّ الهَوَى ما تَوَلَّى يُصْمِ أَوْ يَصِمِ
فاصْرِفْ هَواها وَحاذِرْ أنْ تُوَلِّيَهُ
وإنْ هِيَ اسْتَحَلَتِ المَرعَى فلا تُسِمِ
وَراعِها وهِيَ في الأعمالِ سائِمَةٌ
مِنْ حَيْثُ لَمْ يّدْرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةًً لِلْمَرْءِ قاتِلَةً
قَرَبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ
وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِنْ جُوعٍ وَمِنْ شَبَعٍ
مِنَ المَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمِ
واسْتَفْرِغِ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأَتْ
وإنْ هُمَا مَحَّضَاكَ النُّصْحَ فاتَّهِمِ
وخالِفِ النُّفْسَ والشَّيْطَانَ واعْصِهِمِا
فأَنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الخَصْمِ والحَكَمِ
وَلا تُطِعْ منهما خَصْماً وَلا حَكَماً
لقد نَسَبْتُ به نَسْلاً لِذِي عُقُمِ
أسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ
وما اسْتَقَمْتُ فما قَوْلِي لَكَ اسْتَقِمِ
أمَرْتُكَ الخَيْرَ لكنْ ما ائْتَمَرْتُ به
ولَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ ولَمْ أَصُمِ
ولا تَزَوَّدْتُ قبلَ المَوْتِ نافِلةً
أنِ اشْتَكَت قَدَماهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَمِ
ظَلَمْتُ سُنَّةَ مَنْ أَحْيا الظَّلامَ إلَى
تَحْتَ الحِجَارَةِ كَشْحَاً مُتْرَفَ الأَدَمِ
وشدَّ مِنْ سَغَبٍ أحشاءهُ وَطَوَى
عَنْ نَفْسِهِ فأراها أيُّما شَمَمِ
وَرَاوَدَتْهُ الجِالُ الشُّمُّ مِنْ ذَهبٍ
إنَّ الضَّرُورَة لا تَعْدُو على العِصَمِ
وَأَكَّدَتْ زُهْدَهُ فيها ضرُورَتُهُ
لولاهُ لَمْ تُخْرِجِ الدُّنيا مِنَ العَدَمِ
وَكَيْفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورُةُ مَنْ
والفَرِيقَيْنِ مِنْ عُرْبٍ ومِنْ عَجَمِ
مُحَمَّدُ سَيِّدَ الكَوْنَيْنِ والثَّقَلَيْنِ
أبَّرَّ فِي قَوْلِ لا مِنْهُ وَلا نَعَمِ
نَبِيُّنَا الآمِرُ النَّاهِي فلاَ أَحَدٌ
لِكلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقْتَحَمِ
هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ
مُسْتَمْسِكُونَ بِحَبْلٍ غيرِ مُنْفَصِمِ
دَعا إلى اللهِ فالمُسْتَمْسِكُونَ بِهِ
وَلَمْ يُدانُوهُ في عِلْمٍ وَلا كَرَمِ
فاقَ النَّبِيِّينَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ
غَرْفاً مِنَ الْبَحْرِ أَوْ رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ
وَكلُّهُمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ مُلْتَمِسٌ
مِنْ نُقْطَة العِلْمِ أَوْ مِنْ شَكْلَةِ الحِكَمِ
ووَاقِفُونَ لَدَيْهِ عندَ حَدِّهِمِ
ثمَّ اصْطَفَاهُ حَبيباً بارِىءُ النَّسَمِ
فهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه
فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيه غيرُ مُنْقَسِمِ
مُنَزَّهٌ عَنْ شَرِيكٍ في محاسِنِهِ
وَاحْكُمْ بما شْئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ
دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ
وَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ منْ عِظَمِ
وانْسُبْ إلى ذانه ما شئْتَ مِنْ شَرَفٍ
حَدُّ فيُعْرِبَ عنه ناطِقٌ بِفَمِ
فإنَّ فَضْلَ رسولِ الله ليسَ لهُ
أحْيا اسمُهُ حِينَ يُدْعَى دَارِسَ الرِّمَمِ
لو ناسَبَتْ قَدْرَهُ آياتُهُ عِظَماً
حِرْصاً علينا فلمْ ولَمْ نَهَمِ
لَمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْمل العُقولُ بِهِ
في القُرْبِ والبُعْدِ فيهِ غيرُ مُنْفَحِمِ
أعْيا الوَرَى فَهْمُ معْناهُ فليس يُرَى
صَغِيرةً وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أُمَمِ
كالشِّمْسِ تَظْهَرُ لِلْعَيْنينِ مِنْ بُعُدٍ
قَوْمٌ نِيَامٌ تَسَلَّوْا عنهُ بالحُلُمِ
وَكيفَ يُدْرِكُ في الدُّنيا حَقِيقَتَهُ
وأنهُ خَيرُ خَلْقِ اللهِ كلِّهِمِ
فمبْلَغُ العِلْمِ فيهِ أنهُ بَشَرٌ
فإنما اتَّصَلَتْ مِنْ نُورِهِ بهِمِ
وَكلُّ آيٍ أتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بها
يُظْهِرْنَ أَنْوَارَها للناسِ في الظُّلَمِ
فإنَّه شّمْسُ فَضْلٍ هُمْ كَواكِبُها
بالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بِالبِشْرِ مُتَّسِمِ
أكْرِمْ بِخَلْقِ نَبِيٍّ زَانَهُ خُلُقٌ
والبَحْر في كَرَمٍ والدَّهْرِ في هَمَمِ
كالزَّهْرِ في تَرَفٍ والبَدْرٍ في شَرَفٍ
في عَسْكَرٍ حينَ تَلْقَاهُ وفي حَشَمٍ
كأَنَّهُ وَهْوَ فَرْدٌ مِنْ جلالَتِهِ
مِنْ مَعْدَنَيْ مَنْطِقٍ منهُ ومَبْتَسَمِ
كَأنَّما اللُّؤلُؤُ المَكْنُونُ في صَدَفٍ
طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ منهُ وَمُلْتَثِمِ
لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْباً ضّمَّ أَعظُمَهُ
يا طِيبَ مُبْتَدَإٍ منه ومُخْتَتَمِ
أبانَ مَوْلِدُهُ عَنْ طِيبِ عُنْصُرِِ
قد أُنْذِرُوا بِحُلولِ البُؤْسِ والنَقَمِ
يَوْمٌ تَفَرَّسَ فيه الفُرْسُ أنَّهمُ
كَشَمْلِ أَصْحَابِ كِسْرَى غَيْرَ مُلْتَئِمِ
وباتَ إيوانُ كِسْرَى وَهْوَ مُنْصَدِعٌ
عليهِ والنَّهْرُ ساهي العَيْنِ مِنْ سَدَمِ
والنَّارُ خامِدَةُ الأنفاسِ مِنْ أَسَفٍ
ورُدَّ وارِدُها بالغَيْظِ حينَ ظَمِي
وساءَ ساوَةَ أنْ غاضَتْ بُحَيْرَتُها
حُزْناً وَبالماءِ ما بالنَّارِ مِنْ ضَرَمِ
كأنَّ بالنارِ ما بالماءِ مِنْ بَلَلٍ
وَالحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنَى ومِنْ كَلِمِ
والجِنُّ تَهْتِفُ وَالأَنْوارُ ساطِعَةٌ
تُسْمَعْ وَبارِقَةُ الإِنْذَارِ لَمْ تُشَمِ
عَمُوا وَصَمُّوا فإعْلانُ البَشائِرِ لَمْ
بأنَّ دينَهُمُ المُعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ
مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَرَ الأقْوامَ كاهِنُهُمْ
مَنْقَضَّةِ وفْقَ ما في الأرْضِ مِنْ صَنَمِ
وبَعْدَ ما عايَنُوا في الأُفْقِ مِنْ شُهُبٍ
من الشياطِينِ يَقْفُو إثْرَ مَنْهَزِمِ
حَتى غدا عَنْ طَرِيقِ الوَحْيِ مُنْهَزِمٌ
أَوْ عَسْكَرٌ بالحَصَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رُمِي
كأنَّهُمْ هَرَباً أَبطالُ أَبْرَهةٍ
نَبْذَ المُسَبِّحِ مِنْ أحشاءِ مُلْتَقِمِ
نَبْذاً بهِهِ بَعْدَ تَسْبِيحِ بِبَطْنِهِما
تَمْشِي إليهِ عَلَى ساقٍ بِلا قَدَمِ
جاءتْ لِدَعْوَتِهِ الأشْجارُ ساجِدَةً
فُرُوعُها مِنْ بَدِيعِ الخَطِّ في اللَّقَمِ
كأنَّما سَطَرَتْ سَطْراً لِمَا كَتَبَتْ
تَقِيهِ حَرَّ وطِيسٍ لِلْهَجِيرِ حَمي
مِثْلَ الغَمَامَة أنَّى سَارَ سائِرَةٌ
مِنْ قَلْبِهِ نِسْبَةٌ مَبْرُورُةَ القَسَمِ
أقْسَمْتُ بالقَمَرِ المُنْشَقِّ إنَّ لَهُ
وكلُّ طَرْفٍ مِنَ الكُّفَّارِ عنه عَمِي
ومَا حَوَى الغارُ مِنْ خَيرٍ وَمِنْ كَرَمٍ
وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرِمِ
فالصِّدْقُ في الغارِ والصِّدِّيقُ لَمْ يَرِمِا
خَيْرِ البَرِيِّةِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُمِ
ظَنُّوا الحَمامِ وظَنُّوا العَنْكَبُوتَ على
مِنَ الدُّرُوعِ وَعَنْ عالٍ مِنَ الأُطُمِ
وِقاية اللهِ أغنَتْ عَنْ مُضَاعَفَةٍ
إلاَّ اسْتَلَمتُ النَّدَى مِنْ خَيْرِ مُسْتَلَمِ
ما سامَنِي الدَّهْرُ ضَيْماً وَاسْتَجَرْتُ به
قَلْباً إذا نامتِ العَيْنانِ لَمْ يَنَمِ
لا تُنْكِرِ الوَحْيَ مِنْ رُؤْيَاهُ إنَّ لهُ
فليسَ يُنْكِرُ فيهِ حالٌ مُحْتَلِمِ
وذاكَ حينَ بُلوغِ مِنْ نُبُوَّتِهِ
وَلا نَبِيٌّ عَلَى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ
تَبَارَكَ اللهُ ما وحْيٌ بِمُكْتَسَبٍ
وأَطْلَقَتْ أرِباً مِنْ رِبْقَةِ اللَّمَمِ
كَمْ أبْرَأْتَ وَصِباً باللَّمْسِ راحَتُهُ
حتى حَكضتْ غُرَّةَ في الأعْصُرِ الدُّهُمِ
وأحْيَتِ السُنَّةُ الشَهْبَاءُ دَعْوتُهُ
سَيْبٌ مِنَ اليَمِّ أَوْ سَيْلٌ مِنَ العَرِمِ
بعارِضٍ جادَ أَوْ خِلْتَ البِطاحَ بها
ظُهورَ نارِ القِرَى لَيْلاً عَلَى عَلَمِ
دَعْنِي وَوَصْفِي آياتٍ لهُ ظَهَرَتْ
وَليسَ يَنْقُصُ قَدْراً غيرَ مَنْتَظِمِ
فالدُّرُّ يَزدادُ حُسْناً وَهْوَ مَنْتَظِمٌ
ما فيهِ مِنْ كَرَمِ الأخلاقِ والشِّيَمِ
فما تَطَاوَلُ آمالُ المَدِيحِ إلى
قَدِيمَةٌ صِفَةُ المَوصوفِ بالقِدَمِ
آياتُ حَقٍّ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثَةٌ
عَنِ المعادِ وعَنْ عادٍ وعَنْ إرَمِ
لَمْ تَقْتَرِنْ بِزمانٍ وَهْيَ تُخْبِرُنا
مِنَ النَّبِيِّينَ إذْ جاءَتْ ولَمْ تَدُمِ
دامَتْ لَدَيْنا فَفاقَتْ كلَّ مُعْجِزَةٍ
لذِي شِقاقٍ وما تَبْغِينَ مِنْ حَكَمِ
مُحَكَّماتٌ فما تُبْقِينَ مِنْ شُبَهٍ
أَعُدَى الأعادي إليها مُلْقِيَ السَّلَمِ
ما حُورِبَتْ قَطُّ إلاَّعادَ مِنْ حَرَبٍ
رَدَّ الغَيُورِ يَدَ الجَاني عَنِ الحُرَمِ
رَدَّتْ بَلاغَتُها دَعْوَى مُعارِضِها
وفَوْقَ جَوْهَرِهِ فِي الحُسْنِ والقِيَمِ
لها مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْرِ في مَدَدٍ
ولا تُسامُ عَلَى الإكثارِ بالسَّأَمِ
فما تُعَدُّ وَلا تُحْصى عَجَائِبُها
لقد ظَفِرتَ بِحَبْلِ اللهِ فاعْتَصِمِ
قَرَّتْ بها عَيْنُ قارِيها فَقُلْتُ لهُ
أَطْفَأْتَ نارَ لَظىً مِنْ وِرْدِها الشَّبِمِ
إنْ تَتْلُها خِيفَةً مِنْ حَرِّ نارِ لَظىً
مِنَ العُصاةِ وقد جاءُوهُ كَالحُمَمِ
كَأَنَّها الحَوْضُ تَبْيَضُّ الوجوهُ به
فالقِسْطُ مِنْ غَيرها في الناسِ لَمْ يَقُمِ
وَكَالصَِراطِ وكالمِيزانِ مَعْدِلَةً
تَجاهُلاً وهْوَ عَيْنُ الحاذِقِ الفَهِمِ
لا تَعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنْكِرُها
ويُنْكِرُ الفَمُّ طَعْمَ الماءِ كم سَقَمٍ
قد تُنْكِرُ العيْنُ ضَوْءَ الشِّمْسِ من رَمَدٍ
سَعْياً وفَوْقَ الأَيْنُقِ الرُّسُمِ
يا خيرَ منَ يَمَّمَ العافُونَ ساحَتَهُ
وَمَنْ هُوَ النِّعْمَةُ العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ
وَمَنْ هُوَ الآيَةُ الكُبْرَى لَمُعْتَبِرٍ
كما سَرَى البَدْرُ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ
سَرَيْتَ مِنْ حَرَمٍ لَيْلاً إلَى حَرَمٍ
مِنْ قَابِ قَوْسَيْنِ لَمْ تُدْرَكْ وَلَمْ تُرَمِ
وَبِتَّ تَرْقَى إلَى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَةً
والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخُدُومٍ عَلَى خَدَمِ
وَقَدَّمتْكَ جَميعُ الأنبياءِ بِها
في مَوْكِبِ كُنْتَ فيهِ صاحِبَ العلَمِ
وأَنْتَ تَخْتَرِقُ السَّبْعَ الطَّباقَ بهِمْ
مِنَ الدُّنُوِّ وَلا مَرْقَىً لِمُسْتَنِمِ
حتى إذا لَمْ تَدَعْ شَأْوَاً لِمُسْتَبِقٍ
نُودِيتَ بالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَمِ
خَفَضْتَ كلَّ مَقامِ بالإِضافَةِ إذْ
عَنِ العُيُونِ وَسِرٍّ أَيِّ مُكْتَتِمِ
كَيْمَا تَفُوزَ بِوَصْلٍ أَيِّ مُسْتَتِرٍ
وَجُزْتَ كلَّ مَقامٍ غيرَ مُزْدَحَمِ
فَحُزْتَ كلَّ فَخَارٍ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ
وعَزَّ إدْرَاكُ ما أُولِيتَ مِنْ نِعَمِ
وَجَلِّ مِقْدَارُ ما وُلِّيتَ مِنْ رُتَبٍ
مِنَ العِنَايَةِ رُكْناً غيرَ مُنْهَدِمِ
بُشْرَى لَنَا مَعْشَرَ الإِسِلامِ إنًّ لنا
بأَكْرَمِ الرُّسْلِ كُنَّا أَكْرَمَ الأُمَمِ
لَمَّا دَعا اللهَ داعِينا لَطَاعَتِهِ
كَنَبْأَةٍ أَجْفَلَتْ غَفْلاً مِنَ الغَنَمِ
راعِتْ قلوبَ العِدا أَنباءُ بِعْثَتِهِ
حتى حَكَوْا بالقَنا لَحْماً على وَضَمِ
ما زالَ يَلْقاهُمَ في كلِّ مُعْتَرَكٍ
أَشْلاَءَ شالَتْ مَعَ العِقْبَانِ والرَّخَمِ
وَدُّوا الفِرارَ فكادُوا يَغْبِطُونَ بهِ
ما لَمْ تَكُنْ مِنْ لَيالِي الأَشْهُرِ الحُرُمِ
تَمْضِي اللَّيالِي وَلا يَدْرُونَ عِدَّتها
بِكلِّ قَرْمٍ إلَى لَحْمِ العِدا قَرِمِ
كأنَّما الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سَاحَتَهُمْ
يَرْمِي بِمَوجٍ مِنَ الأبطالِ مُلْتَطِمِ
يَجُرُّ بَحْرَ خَمِيسٍ فوقَ سابِحَةٍ
يَسْطو بِمُسْتَأْصِلٍ لِلْكُفْرِ مُصْطَلِمِ
مِنْ كلِّ مُنْتَدِبٍ للهِ مُحْتَسِبٍ
مِنْ بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَةَ الرَّحِمِ
حتَّى غَدَتْ مَلَّةُ الإسلامِ وهِيَ بِهِمْ
وخيرِ بَعلٍ فَلَمْ تَيْتَمْ وَلَمْ تَئِمِ
مَكْفُولَةً أَبَداً مِنهمْ بِخَيْرِ أَبٍ
ماذا رأى مِنْهُمُ في كلِّ مُصطَدَمِ
همُ الجِبالُ فَسَلْ عنهمْ مُصادِمَهُمْ
فُصُول حَتْفٍ ملهُمْ أَدْهَى مِنَ الوَخَمِ
وسَلْ حُنَيْناً وسَلْ بَدْراً وَسَلْ أُحُداً
مِنَ العِدا كُلَّ مُسْوَدٍّ مِنَ اللِّمَمِ
المُصْدِرِي البِيضَ حُمْراً بعدَ ما وَرَدَتْ
أقْلامُهُمْ حَرْفَ جِسْمٍ غَيْرَ مُنْعَجِمِ
وَالكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَطِّ مَا تَرَكَتْ
والوَرْدُ يَمْتازُ بالسِّمَى عَنِ السَّلَمِ
شاكِي السِّلاحِ لهمْ سِيمَى تُمِيِّزُهُم
فَتَحْسَبُ الزَّهْرَ في الأكمامِ كلَّ كَمِي
تُهْدِي إليكَ رِياحُ النَّصْرِ نَشْرَهُمُ
مِنْ شَدَّةِ الحَزْمِ لاَ مِنْ شِدَّةِ الحُزُمِ
كأنَّهمْ في ظُهُورِ الخَيْلِ نَبْتُ رُباً
فما تُفَرِّقُ بينَ البَهْمِ والبُهَمِ
طارَتْ قلوبُ العِدا مِنْ بَأْسِهِمْ فَرْقاً
إنْ تَلْقَهُ الأُسْدُ في أجامِها تَجِمِ
ومَنْ تَكُنْ بِرَسُولِ اللهِ نُصْرَتُهُ
بهِ ولا مِنْ عَدُوٍّ غيْرَ مُنْقَصِمِ
ولَنْ تَرَى مِنْ وَلِيٍّ غَيْرَ مُنْتَصِرِ
كاللَّيْثِ حَلَّ مَعَ الأشبالِ في أُجَمِ
أحَلَّ أُمَّتَهُ في حِرزِ مِلَّتِهِ
فيهِ وكم خَصَمَ البُرْهانُ مِنْ خَصِمِ
كَمْ جَدَّلَتْ كلماتُ اللهِ مِنْ جَدِلٍ
في الجاهِليَّةِ وَالتَّأْدِيبِ في اليُتُمِ
كفاكَ بالعِلْمِ في الأُمِيِّ مُعْجِزَةً
ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ والخِدَمِ
خَدَمْتُهُ بِمَدِيحٍ أسْتَقِيلُ بِهِ
كأنَّني بِهِما هَدْيٌ مِنَ النَّعَمِ
إذْ قَلَّدانِيَ ما تُخْشَى عَواقِبُهُ
حَصَلْتُ إلاَّ عَلَى الآثَامِ والنَّدَمِ
أطعتُ غيَّ الصَبَا في الحَالَتينِ وَما
لَمْ تَشْتَرِ الدِّينَ بالدُّنيا ولَمْ تَسُمِ
فيا خَسَارَةَ نَفْسٍ في تِجَارَتِها
بَيْنَ لهُ الغَبْنُ في بَيْعٍ وَفي سَلَمِ
وَمَنْ يَبِعْ آجِلاً منهُ بِعاجِلِهِ
مِنَ النبيِّ وَلا حَبْلِي بِمُنْصَرِمِ
إنْ آتِ ذَنْباً فما عَهْدِي بِمُنْتَقِضٍ
مُحمداً وَهْوَ أَوْفَى الخَلْقِ بالذِّمَمِ
فإنَّ لِي ذِمَّةً منهُ بِتَسْمِيَتي
فَضْلاً وَإلاَّ فَقُلْ يا زَلَّةَ القَدَمِ
إنْ لَمْ يَكُنْ في مَعادِي آخِذاً بِيَدِي
أَوْ يَرْجِعُ الجارُ منهُ غيرَ مُحَتَرَمِ
حاشاهُ أنْ يَحْرِمَ الرَّاجِي مَكارِمَهُ
وَجَدْتُهُ لِخَلاَصِي خيرَ مُلْتَزِمِ
وَمُنْذُ ألزَمْتُ أفكارِي مَدائِحَهُ
إنَّ الحَيا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأُكَمِ
وَلَنء يَفُوتَ الغِنَى مِنْهُ يَداً تَرِبَتْ
يَدَا زُهَيْرٍ بما أَثْنَى عَلَى هَرَمِ
وَلَمْ أُرِدْ زَهْرَةَ الدُّنيا التي اقتَطَفَتْ
سِواكَ عندَ حلولِ الحادِثِ العَمِمِ
يا أكْرَمَ الرُّسْلِ مالِي مَنْ أَلوذُ به
إذا الكريمُ تَحَلَّى باسْمِ مُنْتَقِمِ
وَلَنْ يَضِيقَ رَسولَ اللهِ جاهُكَ بي
وَمِنْ عُلُومِكَ عِلمَ اللَّوْحِ والقَلَمِ
فإنَّ مِنْ جُودِكَ الدنيا وضَرَّتَها
إنَّ الكَبَائِرَ في الغُفْرانِ كاللَّمَمِ
يا نَفْسُ لا تَقْنُطِي مِنْ زَلَّةٍ عَظُمَتْ
تأْتي عَلَى حَسَبِ العِصْيانِ في القِسَمِ
لَعَلَّ رَحْمَةَ رَبِّي حينَ يَقْسِمُه
لَدَيْكَ وَاجْعَلْ حِسابِي غَيْرَ مُنْخَرِمِ
يارَبِّ وَاجْعَلْ رَجائي غَيرَ مُنْعَكِسِ
صَبْراُ مَتى تَدْعُهُ الأهوالُ يَنْهَزِمِ
وَالْطُفْ بِعَبْدِكَ في الدَّاريْنِ إنَّ لَهُ
عَلَى النَّبيِّ بِمُنْهَلٍّ ومُنْسَجِمِ
وَائْذَنْ لِسُحْبِ صلاةٍ مِنكَ دائِمةً
وأطْرَبَ العِيسَ حادي العِيسِ بِالنَّغَمِ
ما رَنَّحَتْ عَذَباتِ البانِ ريحُ صَباً

Tidak ada komentar: